-->

تغلب على المثالية المفرطة: 5 استراتيجيات مضمونة لكل كاتب محتوى

 

تغلب على المثالية المفرطة: 5 استراتيجيات مضمنونة لكل كاتب محتوى
تغلب على المثالية المفرطة

بينما التطلع للتميز يبدو مثيراً للإعجاب ، إلا أن تحوله إلى وسواس يستحوذ على طريقة تفكيرك ، يمكن أن يكون سلسلة تقيد انتاجيتك وابداعك!!

صديقي العزيز: أنت مع (المثالية المفرطة).

في صناعة المحتوى بشكل عام و كتابة المحتوى بشكلٍ خاص نأمل جميعاً في تقديم قطعة المحتوى الأفضل على الإطلاق.

كم مرة جلست لكتب مشروع مقال أو سكريبت لفيديو أو بودكاست ، أو حتى منشور على فيسبوك أو تويتر ، و أنت تريد كتابته بشكل لا مثيل له.

هذا الشعور هو الحافز الذي يجعلنا نقدم أفضل ما عندنا ، وحتى إن لم يكن جيداً أو الأفضل حقاً.

و لكن الأسوأ أن تقيدنا تلك الرغبة فلا تجعلنا نتقبل أي شئ مما نكتبه، ونظل نعيد و نكرر كتابته وتعديله للوصول للشكل المثالي الذي نريده.

هذا يا عزيزي ما نطلق عليه المثالية الكاملة ، أو كما هو شائع حالياً المثالية المفرطة.

وفي هذا المقال سنكتشف المزيد عن معناها، وآثارها السلبية، وكيف تؤثر علينا خصوصا ككتاب محتوى،
والأهم أننا سنمدك بما تحتاجه كيف تتغلب على وهم المثالية الكاملة ؟

فسواء كنت مبتدأً أو كنت محترفاً فهذا المقال لك خصيصاً .

لنبدأ إذا بتعريف المثالية المفرطة .

ماذا نعني بالمثالية المفرطة؟

ببساطة هى عقلية الرفض لأي شئ أقل من المثالي أو النموذجي ، فالشخص المثالي عادة له معايير مبالغ فيها خاصة به لتقييم جودة إنجازه لمهامه .

يمكن تشبيه المثالية الكاملة بأنها مطاردة مستمرة للكمال والخلو من الأخطاء، لكن للأسف هذه المطاردة مثل الدائرة المفرغة ، أي لا تنتهي أبدا ، والتي غالبا ما تؤدي إلى الإنهاك الذهني والبدني والنفسي لأجل تحقيق هذا الهدف.

بالنسبة إلى كُتاب المحتوى ربما ينطبق هذا التعريف على قضاء فترة طويلة من الوقت لأجل صياغة جملة واحدة
فتجد نفسك في دوامة لا تنتهي من التعديلات والمراجعة.

أو ربما تشعر بالعجز التام عن الكتابة، نتيجة الخوف من كتابة أي قطعة محتوى أقل من أن تكون في غابة الروعة والجودة .

أضرار المثالية المفرطة 

أضرار المثالية المفرطة
أضرار المثالية المفرطة

السعي للمثالية ليس سيئاً كغاية ، لكن الحرص عليها دون غيرها هو ما يضرك في النهاية، وأضراره عليك قد تتخطى مجرد التأثير على الإنتاجية وهو ما نشير إليه في النقاط التالية : 

1 الإضرار بصحتك الذهنية والعقلية

المعايير الصارمة والمبالغ فيها التي تضعها لتقييم أداءك ستؤدي في النهاية إلى رفع مستويات القلق والتوتر لديك في حالة عدم تحقيقها ، حتى وإن اقتربت منها.

فقد تجد نفسك وقعت في مصيدة "جلد الذات" في كل تفصيلة في عملك لأجل هذا الهدف .

للأسف كثرة التفكير في في الالتزام بتلك المعايير ستؤدي بك إلى الإرهاق الذهني أو ما يسمى في علم النفس بالاحتراق، وفي النهاية لن تحقق حتى أبسط الأهداف والمشاريع.

2. تضاؤل الإنتاجية

من سخرية القدر أن سعيك لإنجاز أعمالك بشكل نموذجي ،هو ما يعيقك على إكمالها أساساً ، أو حتى البدء في تنفيذها .

فقضاء وقت غزير في الإهتمام بتحسين كل نقطة في مشروعك بشكل مركز ، سيتسبب في ضياع وقت الكثير من الوقت المتبقي لتسليم مشروعك ، وبالتالي عدم الوفاء بمواعيد التسليم Deadlines .

الخوف من ارتكاب أخطاء هو ما يعيقك غالباً من اتخاذ خطوات جريئة نحو تقديم محتوى متميز.

هذا الخوف يا صديقي للأسف عقبة كبيرة تمنعك من استشكشاف أفكار جديدة وطرق مختلفة لتقديم محتوى متفرد يحمل طابعك الشخصي ، فترددك أن تخرج عن المألوف خشية ارتكاب الأخطاء سعيا وراء مثالية وهمية لن يجعلك تتقدم في مستواك وتطور لكاتب أفضل.

3. التخلي عن فرص حقيقية في حياتك المهنية

سيطرة المثالية المفرطة على عقلك ،ستفقدك زمام التحكم في مسارك المهني ، لما سيضيع عليك من فرص حقيقية  لا تتكرر كثيراً .

أنت تقضي وقتاً غزيراً  لتجعل قطعة محتوى واحدة في أبهى صورة ، بل يمكنني الذهاب لأبعد من ذلك و أقول أن فقرة  واحدة داخل مقالك ، يمكنها أن تضيع عليك وقتا وفيراً لإنجاز أكثر من مشروع محتوى مختلف. 

4. توتر علاقتك بالآخرين

في كتابة المحتوى لا نعمل وحدنا غالباً ، إما ستكون رفقة فريق عمل ، أو ستتعاون بشكل أو بآخر مع من تنوب عنه في كتابة محتوى ما (عمل حر ).

فإصرارك على رؤية وحيدة فقط لا ترى إلا هى وفق معاييرك الخاصة ، سيشعل الخلافات بينك وبين زملاءك في العمل ، وسرعان ما ستتهور علاقتكم إذا زاد تمسكك بأفكارك دون مرونة في تقبل ومناقشة افكارهم ورؤياتهم .

فالشخص المثالي عادة لا يتوقف على إطلاق أحكامه على الآخرين فكما هو قاس على نفسه ، ماذا تنتظر منه تجاه الآخرين من دائرته المقربة خصوصاً في العمل ؟

كيف تقضي على المثالية المفرطة؟

كيف تقضي على المثالية المفرطة؟
كيف تقضي على المثالية المفرطة؟

دائماً التخلص من العادات والأفكار السلبية تأخذ وقتاً ،  فهى عملية تدريجية تشمل تغير عقليتك و عاداتك.
 فالقضاء على المثالية المفرطة ، لن يحدث بين يوم وليلة أو بعد انتهاءك من قراءة هذا المقال.

لكننا هنا سنضعك على بداية الطريق أو سنصف لك العلاج وما عليك إلا المداومة على تطبيق ما استطعت منها وستشعر بالنتائج الإيجابية مع مرور الوقت .

 1) ضع أهداف منطقية 

 في كل جلسة للكتابة ، لا تثقل كاهلك بأهداف مستحيلة صعبة التحقيق ، فتلوم نفسك حينها على عدم اتمامها.

قسم المشروعات الكبيرة إلى أجزاء أصغر واكثر قابلية للإنجاز خلال الوقت المخصص للكتابة، بهذا ستقنع عقلك أن الكتابة  ليست مرهقة لك ، وستتحفز أكثر للإلتزام بهذه المواعيد.

 2) تقبل أخطاءك

  كن على علم يا صديقي أن الإتقان والتفرد عامل غير قابل للتحقيق فكل منا لنا أخطاءه ونقاط ضعفه في الكتابة أيا كان مستواه .

تيقن أن ارتكاب الاخطاء مرحلة طبيعية في أي مجال إبداعي كالكتابة ، و إداركك لهذه الإخطاء وتقبلك لها ومن ثم العمل على تحسينها ، هو المسار الذي ينبغي أن تتخذه تجاه تطوير قدراتك.

  3) ضع حدود لكل مرحلة في الكتابة 

خصص مدة زمنية خاصة لكل مرحلة في الكتابة ، كي لا تظل عالقاً في مرحلة منهم ، كأن تجلس بالساعات في مرحلة البحث والإعداد لمحتواك .

رغبة منك لأن تعطي لكل تفصيلة في موضوعك حقها ، أو تتيقن من صدق معلوماتك ، ورغم أنه مقصد محمود إلا أن استغراقك فيه أكثر من اللازم ، لن تجني من وراءه إلا البطء ومن وراءه فقدانك الثقة فيما تكتبه.

لهذا أشجعك أن تلتزم بتخصيص مدة زمنية مثلا لمرحلة البحث وفقا لعمق موضوعك وسهولة أو صعوبة الحصول على معلومات عنه ، وهكذا في الكتابة ، ثم التعديل والمراجعة .

 4) اسع سريعا لمعرفة الآراء حول محتواك 

 إن النقد البناء في المراحل المبكرة من الكتابة ضروري جداً ، كي لا تستثمر وقتاً كبيراً في الكتابة على الطريق الخاطئ.

 شارك ما أنجزته في أسرع وقت مع زملاءك، أو من هم أكثر منك خبرة وتمرس في مجالك ممن تثق في رأيهم .
ذلك سوف يقوي ثقتك بنفسك أكثر ولن يعطي سلطة واسعة لذلك الناقد الداخلي في عقلك.

كيف تحقق التوازن بين الكم والكيف؟

كيف تحقق التوازن بين الكم والكيف؟
كيف تحقق التوازن بين الكم والكيف؟

هذه النقطة رغم أنها تعد من ضمن الاستراتيجيات السابقة ، إلا أني فضلت تقديمها لك في فكرة مستقلة لأني أرى أنها من أهم التحديات يواجهها كل من يعاني من المثالية المفرطة.

أخطر الوساوس التي تأتي لعقلك يا عزيزي أثناء العمل على مشروع ما ، هو الرغبة في كتابة قطعة محتوى خالية من العيوب ، ممتازة العرض ،لامعة في ألفاظها وعباراتها ، تقدم الإفادة للمتلقي وتجيب على كل تساؤلاته.

لكن للأسف يا صديقي سعيك هذا يمكنه أن يقلل من انتاجيتك بشكل ملحوظ من حيث كمية المشروعات التي ستنتجها.
والعكس صحيح ، مزيد من المشروعات لكن مع جودة منخفضة وسطحية في المعلومات .


ولتحقيق تلك المعادلة بنجاح يمكنك القيام بالتالي :

1- رتب الأولويات

ليست كل الأجزاء في المحتوى الذي تكتبه تحتاج لنفس القدر من الإهتمام، فليست المقدمة كالخاتمة أو جسم الموضوع في الأهمية.

حدد الأجزاء الأكثر أهمية في المحتوى والمراحل الاكثر حساسية في عملية الكتابة ، و أعطها الاهتمام الكافي كي تنجزها بأفضل شكل بينما تكن أقل حدة في التعامل مع الأجزاء والمراحل الأخرى.

هذا يضمن لك توجيه اهتمامك وتركيزك للنقاط الأكثر أهمية بالتالي توفر مجههودك ووقتك.

2- حدد نقطة الوصول

انتهاءك من مشروعك هو نقطة الوصول التي تهدف للذهاب إليها ، وإذا لم تكن تعرف أين تذهب فستظل تاءهاً لا تعرف أين تتوقف.

قاوم احساسك الدائم بالرغبة في التعديل على ما أتممته ، فالتعديل لن ينتهي إلا اذا حددت بوضوح المستوى المقبول كفاية لأي محتوى تكتبه.

ثق في حكمك ولا تطل من مدة التعديل والمراجعة أكثر من اللازم وانتقل إلى المشروع التالي فوراً.

3- افرح بانجازك فأنت تستحق

أخيراً عليك أن تفرح بما أنجزته، مهما كان صغيراً، واعلم ان كل مشروع تنتهي منه هو خطوة حقيقية لتتطور ككاتب محتوى ، وتزرع عقلية تقدر الإنجاز على المثالية والتميز.

تذكر أنك في رحلة دائمة من التجربة والممارسة كي تطور قدراتك، ودائما هناك جديد تتعلمه ، والمثالية الكاملة ما هى إلا وهم يقودك إلى سجن يقيد قدراتك ويمنعك من التطور.

واعلم أن بداية انطلاقك من الطريق الصحيح هو إداركك أنك على الطريق الخطأ ،وهذا لن يحدث إلا إذا أصبحت أكثر مرونة وتقبل لذاتك ولعيوبك وأخطاءك بشرط عدم التوقف والسعي المستمر لتحسين قدراتك .

في نهاية المقال يا صديقي أتمنى منك أمرين :

أولاً: أن تسعى إلى تطبيق الاستراتيجيات التي ذكرناها حتى لو بدأت باستراتيجية واحدة ثم الباقي لاحقا ، فالتغيير يحدث تدريجيا وليس مرة واحدة .

ثانياً: أن تشاركني في التعليقات بالأسفل تجاربك مع المثالية المفرطة وكيف كنت تحاول معالجتها ؟